يُعد نظام العمل السعودي بمثابة الإطار التشريعي الذي ينظم العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وتأتي المادة 98 كإحدى الركائز الأساسية والجوهرية في هذا النظام إن هذه المادة لا تقتصر على تحديد سقف زمني للعمل اليومي أو الأسبوعي فحسب، بل هي أداة قانونية تضمن التوازن الضروري بين الإنتاجية المستهدفة من قبل المنشأة وراحة العامل وتهدف المادة بشكل رئيسي إلى وضع ضوابط واضحة تمنع الاستغلال أو تحميل العامل فوق طاقته الجسدية والنفسية، خصوصاً في الأعمال التي قد تتطلب جهداً كبيراً أو تكون مرهقة كما أن تطبيقها يعكس التزام المملكة العربية السعودية بتوفير بيئة عمل صحية وعادلة، مما يعزز الاستقرار الوظيفي ويدعم حقوق الإنسان يُعد فهم هذه المادة وتفاصيلها القانونية أمراً بالغ الأهمية لكل من العامل وصاحب العمل لضمان الالتزام الكامل بالنظام الصادر بموجب مرسوم ملكي رقم م/51 بتاريخ 23 / 8 / 1426.

Table of Contents

الضوابط الجوهرية لتنظيم ساعات العمل اليومية والأسبوعية

تضع المادة 98 أطراً قانونية صارمة لتنظيم زمن العمل، وهي أطر لا تقبل التأويل في الظروف العادية هذه الضوابط هي أساس العلاقة التعاقدية وتحقيق العدالة في بيئة العمل، ويجب على صاحب العمل أن يلتزم بها بدقة متناهية.

الحد الأقصى لساعات العمل في الظروف العادية (8 ساعات يومياً أو 48 أسبوعياً)

نصت المادة صراحة على أن الحد الأقصى لساعات العمل هو ثماني ساعات يومياً أو ثمان وأربعون ساعة أسبوعياً عند النظر إليها في الظروف العادية هذا التحديد ليس مجرد رقم، بل هو ضابط قانوني وشرط أساسي يحمي حقوق العامل ويمنع فرض ساعات عمل طويلة يلتزم صاحب العمل بتطبيق هذا الحد الأقصى كأصل عام في جميع العقود إن الهدف من تحديد الساعات في الظروف العادية هو الحفاظ على صحة العامل وتحقيق التوازن بين الإنتاج والراحة، وهو ما تحدده هذه المادة كقاعدة جوهرية لا يجوز مخالفتها.

قد يهمك المادة ٥٤ من نظام العمل السعودي

تخفيض ساعات العمل (إلى 6 ساعات يومياً) للمسلمين في شهر رمضان

تتميز المادة 98 بمراعاتها للبعد الإنساني والاجتماعي عبر إقرار تخفيض خاص لساعات العمل خلال شهر رمضان المبارك حيث تُخفض ساعات العمل للمسلمين إلى ست ساعات يومياً أو ما يعادل ست وثلاثين ساعة أسبوعياً هذه المراعاة لخصوصية الإسلام وشهر رمضان تؤكد التزام نظام العمل السعودي بدعم المسلمين في أداء عباداتهم وتلبية متطلباتهم الدينية والاجتماعية خلال هذا الشهر الفضيل هذا التخفيض هو حق يكفله النظام ويجب على صاحب العمل الالتزام به صراحة.

كيفية احتساب فترات الراحة (الصلاة والطعام) ضمن ساعات العمل

توضح المادة 98 بدقة كيفية حساب فترات الراحة إذ تُحسب فترات الراحة المخصصة للصلاة والطعام ضمن ساعات العمل الفعلية، شريطة أن يبقى العامل في مقر عمله خلال تلك الفترات هذا التفصيل المرن يهدف إلى ضمان وضوح عملية حساب الساعات المستحقة وتحقيق التوازن بين حقوق العامل والتزامات صاحب العمل أما إذا اختار العامل مغادرة مقر العمل خلال فترة الراحة، فلا تُحسب هذه الفترة ضمن ساعات العمل الفعلية.

أهمية المادة 98 لحماية حقوق العامل ومنع الاستغلال

إن المادة 98 هي بمثابة صمام أمان يحمي حقوق العمال من أي تجاوزات قد تقع من صاحب العمل فهي ليست مجرد تنظيم إداري، بل هي آلية قانونية تضمن بيئة عمل منتجة وصحية، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من التزام المملكة بحقوق الإنسان في بيئة العمل.

دور المادة في حماية حقوق العمال ومنع ساعات عمل مرهقة

تُعد المادة 98 من الركائز الأساسية التي وُضعت تحديداً لحماية حقوق العمال وضمان عدم استغلالهم في ساعات عمل مرهقة تفوق طاقتهم فهي تنظم عدد الساعات اليومية والأسبوعية، مما يحافظ على التوازن بين أداء العامل لمهامه وراحته الجسدية والنفسية كما تمنع إلزام العامل بساعات إضافية غير مبررة هذا الضابط اليومي والأسبوعي يضمن الحفاظ على صحة العامل وتوفير حماية قانونية تمنع الاستغلال.

التزامات صاحب العمل بالتقيد بالساعات المحددة وتسجيلها بدقة

تفرض المادة 98 التزامات محددة على صاحب العمل لا يمكن التغاضي عنها أهم هذه الالتزامات هو الالتزام المطلق بحدود الساعات المحددة في الظروف العادية وكذلك تخفيضها في شهر رمضان كما يجب على صاحب العمل تسجيل ساعات العمل بدقة لضمان الشفافية وإثبات التزام المنشأة بالنظام إن التقيد بهذه الساعات ليس تفضلاً من صاحب العمل، بل هو التزام نظامي يُعزز العدالة ويدعم العلاقة التعاقدية يجب على صاحب العمل أيضاً توفير فترات راحة كافية تُحسب ضمن ساعات العمل إذا بقي العامل في مقر العمل.

البعد الإنساني والاجتماعي في تطبيق النظام لضمان الاستقرار الوظيفي

تتجلى الخصوصية والعدالة في نظام العمل السعودي من خلال مراعاة الجوانب الإنسانية فتخفيض ساعات العمل في شهر رمضان للمسلمين، إلى جانب حساب فترات الصلاة والطعام ضمن وقت العمل، يعكس هذا البعد هذا النهج يهدف إلى تمكين العامل من التوفيق بين متطلبات العمل وحياته الخاصة والاجتماعية، وهو ما يساهم في بناء بيئة عمل صحية ويدعم الاستقرار الوظيفي إن توفير بيئة عمل تراعي القدرات الإنسانية للعامل هو الهدف النهائي الذي تضمنه المادة 98.

الاستثناءات النظامية والحالات التي يجوز فيها تجاوز الحد الأقصى للساعات

على الرغم من أن المادة 98 تحدد حداً أقصى للساعات، إلا أن النظام يسمح ببعض المرونة في تنظيم أوقات العمل، وذلك لمواجهة متطلبات بعض القطاعات أو الظروف الطارئة هذه الاستثناءات يجوز تطبيقها ضمن ضوابط صارمة تضمن عدم المساس بحقوق العامل.

الحالات الاستثنائية والطارئة (كالأعمال الموسمية أو التحضيرية) التي تسمح بزيادة مؤقتة

يجوز لصاحب العمل زيادة ساعات العمل عن ثماني ساعات يومياً فقط في حالات معينة محددة ومؤقتة تشمل هذه الحالات: الظروف الطارئة أو غير المعتادة، مثل زيادة الطلب على الإنتاج أو مواجهة حالات استثنائية كما تشمل الأعمال الموسمية التي تتطلب جهداً إضافياً لفترة مؤقتة، مثل العمل في مواسم الحج أو المواسم الزراعية وتشمل الاستثناءات أيضاً الأعمال التحضيرية أو التكميلية التي لا تتطلب حضور العامل طوال الوقت إن هذه الزيادة يجب أن تكون محددة زمنياً ولا تستخدم كأصل دائم في العمل.

وجوب دفع أجر إضافي للعامل عن ساعات العمل الزائدة

إن أي عمل يقوم به العامل خارج الحد الأقصى النظامي يُعتبر عملاً إضافياً، وفي هذه الحالة يتوجب دفع أجر إضافي مقابل هذه الساعات. هذا الحق مهم جداً ويعد ضمانة أساسية تحمي العامل من الاستغلال ينص النظام صراحة على أنه لا يجوز إلزام العامل بالساعات الإضافية إلا في الحالات الاستثنائية، ويجب أن يقابل هذا الجهد أجر مناسب، وذلك لضمان التزام صاحب العمل بحقوقه النظامية.

متطلبات مرونة تنظيم أوقات العمل مع المحافظة على حقوق العامل

تُمكن الاستثناءات من تحقيق المرونة المطلوبة في تنظيم أوقات العمل لمواجهة متطلبات العمل الموسمية أو الطارئة ومع ذلك، فإن هذه المرونة مشروطة باحترام حقوق العامل بشكل كامل الهدف ليس مجرد زيادة الساعات، بل تحقيق متطلبات الإنتاجية الضرورية دون المساس بحق العامل في الراحة والتعويض العادل يجب على صاحب العمل مراعاة الضوابط النظامية عند تطبيق هذه الاستثناءات.

قد يهمك: إشعار عدم تجديد العقد في السعودية

الإجراءات القانونية المترتبة على المخالفة الصريحة للمادة 98

في حال تجاوز صاحب العمل الضوابط المحددة صراحة في المادة 98، فإن هذا التجاوز يُعتبر مخالفة صريحة للقانون، ويترتب عليه عواقب قانونية ومساءلة أمام الجهات الرسمية.

الجزاءات الموقعة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على صاحب العمل

عندما يخالف صاحب العمل أحكام المادة 98 ويجبر العمال على العمل لساعات تتجاوز الحد النظامي دون مبرر استثنائي، فإنه يُعتبر مرتكباً لمخالفة صريحة. وتقوم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بفرض غرامات أو عقوبات تأديبية وفقاً لما تقرره اللوائح المنظمة وتهدف هذه العقوبات إلى ردع المخالفين وضمان الالتزام بالقانون، بالإضافة إلى إلزامه بتعويض العمال عن الساعات الزائدة عبر دفع الأجر الإضافي المستحق.

حق العامل في رفع مذكرة دعوى عمالية للمطالبة بحقوقه وتعويض الأجر الإضافي

في حال تعرض العامل لمخالفة صريحة لأحكام المادة 98، يحق له اتخاذ خطوات قانونية للمطالبة بحقوقه تبدأ الإجراءات بتقديم شكوى رسمية إلى وزارة الموارد البشرية وإذا لم تسفر جهود التسوية الودية عن حل، فإن القضية تُحال إلى المحكمة العمالية.

من الأهمية بمكان أن يتواصل العامل مع مكتب محاماة متخصص في القضايا العمالية، مثل <العثمان للمحاماة>، الذي يمتلك الخبرة في التعامل مع قضايا العمال، لضمان حماية مصالحه القانونية بشكل فعال ويشمل حق العامل في هذه الدعوى الحصول على أجر إضافي عن الساعات الزائدة، وضمان تعويضه وفقاً لما نص عليه نظام العمل السعودي كما يمكن للعامل رفع نموذج مذكرة دعوى عمالية في تجاوز صاحب العمل الضوابط المحددة هذا التوجيه نحو الإجراءات القانونية هو أساس حماية حقوق العمال وتحقيق العدالة في بيئة العمل.

في الختام، يظهر أن المادة 98 من نظام العمل السعودي تلعب دوراً محورياً في بناء بيئة عمل متوازنة ومنتجة إنها ليست مجرد نص قانوني، بل هي ضمانة لـ حقوق الإنسان وكرامة العامل في المملكة.

المراجع